أكدت دراسة علمية حديثة أن حرمان الطفل من ممارسة نشاط معين يؤثر على معدل ذكائه. وفقا لدراسة نشرت في مجلة الطفولة الطبية اللعب يساعد على نمو الخلايا الدماغية العصبية. على سبيل المثال عندما تعطي طفلك مكعبات ألعاب ثم تطلب منه تركيبها، وبينما هو منهمك في ذلك النشاط الذهني فإن خلايا دماغه العصبية تبدأ في الترابط والبناء مع كل حركة أو مهارة تركيب وما يصاحبها من تفكير، وهكذا كلما تعرض الطفل إلى مواقف تتطلب مهارات خاصة أو حتى عادية فإن خلايا دماغه تبني ذاتها وتترابط بناء على تلك المهارات والتجارب.
مهارات تفكير عالية
هذا وكلما تعرض الطفل لمواقف تحفز على الذكاء أو تتطلب مهارات تفكير عالية كالانخراط في اللعب واللهو في فناء المنزل أو من خلال التدرب على الرسم، فإن العشرات من خلايا دماغه العصبية تبنى وتترابط بموجب تلك المهارات لتشكل نماذج تعمم مستقبلا على معظم المواقف التي تواجهه، وهذا ينطبق على المواقف والمهارات التي لا تحفز على الذكاء.
و عندما يحرم من ممارسة اللعب فإن دماغه لن يعمل بكامل طاقته ما يعني تدني مستوى كفاءته العقلية ما تجعل الحياة أمامه والى الأبد أكثر تحديا وصعوبة.
تفهم حقيقة مشاعر الآخرين، والقدرة على التفاعل معها بتعاطف، مع إظهار رغبة جدية في المساعدة ... من المهارات الاجتماعية الضرورية للطفل. فإضافة إلى كونها الطريقة المثالية لتكوين الأصدقاء بسهولة، فالتفاعل مع مشاعر الآخرين يساعد الطفل أيضا على التفوق في النواحي الدراسية والأخلاقية والعاطفية ويكسبه قدرة على التعامل مع المواقف المختلفة.
وتطوير هذه المهارة لدى الأبناء هو مسئولية أولياء الأمور بشكل أساسي، وذلك لأنها مكتسبة على عكس الشكل الذي يعتمد على الجينات، والذكاء الذي يعتمد على الجينات وطريقة التعلم والتفاعل والبيئة المحيطة.
أهمية مراعاة مشاعر الغير:قد تفاجئين بطفلك في عمر الثلاثة أعوام يسخر من أحد الأشخاص في مكان عام، وذلك لأن الأطفال في هذه السن لا يكونون قد استوعبوا بعد تأثير أقوالهم أو أفعالهم أو تعليقاتهم على شعور الآخرين بالدرجة الكافية للحد من هذه الأفعال. وتطوير هذه المهارات لدى الطفل يجعله يضع نفسه في مكان الشخص الآخر، ويتوقع رد فعله، وبالتالي لا يقدم على شيء قد يؤذي مشاعره.
والطفل بالفطرة يتأثر بالآخرين، والدليل على ذلك أن حديثي الولادة يظهرون تعاطفهم مع الآخرين حتى ولو كان هذا الأمر غير مقصود، فمثلا الطفل حديث الولادة فى المستشفى عندما يسمع بكاء الآخرين فإنه يبدأ فى البكاء معهم، لأنه ببساطة يستجيب لصوت سمعه.
كيف تعلمين طفلك فى مراحله المختلفة تفهم الآخرين؟
- الطفل منذ الولادة وحتى عامه الأول يتعلم تفهم الآخرين عن طريق والده أو والدته وكيف يعاملانه عندما يكون خائفا أو غاضبا أو متوترا. وتتطور قدرة الطفل على تفهم مشاعر الآخرين وتعاطفه معهم وفقا لثقته وعلاقته مع أهله وكيفية استجابتهم بحب لحاجاته المختلفة.
- إن الطفل ما بين عاميه الأول والثانى لديه مخزون من المشاعر والأحاسيس القوية ولكنه لا يعرف كيفية التعامل معها أو تعريفها. ويمكن للأب أو الأم مساعدة الطفل على تحديد شعوره بالضبط وإثبات أن كل ما نفعله مرتبط بتلك المشاعر والأحاسيس، والتأكيد على أن هذه المشاعر موجودة داخلنا جميعا.
- فى المرحلة العمرية من ثلاث إلى خمس سنوات يجب تعليم الطفل قيمة المشاركة عموما، ثم مشاركة الآخرين شعورهم، وذلك على أقل تقدير بالتعاطف معهم. فمثلا عندما يلعب طفلك مع أصدقائه، يجب التأكيد على أهمية التزامه بدوره في اللعب، وذلك بشرح مشاعر الباقين في حال عدم اللعب في أدوارهم، وشرح مدى سعادتهم في حال اللعب. وبالتالي يتعلم الطفل ألا يستبعد أحدا من المشاركة في أمر ممتع، حتى لو كانت النتيجة أن يقل نصيبه شخصيا.
- ببلوغ طفلك عامه الرابع، فإنه يبدأ فى ربط عواطفه بمشاعر وأحاسيس الآخرين، فهو قبل هذه السن يؤمن بأن كل الناس يشعرون بنفس شعوره ويفكرون مثله. يمكنك أن تساعدى طفلك على تفهم مشاعر الآخرين وفهم ما يفكرون به مثلا عن طريق تنبيهه إلى تعبيرات وجه مجموعة من الأشخاص أثناء عملية التسوق مع التوضيح بطريقة بسيطة أن تصرفاته وأقواله لها تأثير على الآخرين مع سؤاله كيف سيكون شعوره إذا كان مكانهم.
- عندما يبلغ طفلك الخامسة من العمر فما فوق، يجب عليك أن تبدئى فى التحدث معه بشكل منتظم عن مشاعره ومشاعر الآخرين. والمشكلة هنا أن يتوقع الطفل رد فعل محددا في بعض المواقف، ثم يفاجأ بفعل مختلف تماما عما في ذهنه. وهنا يجب التوضيح له أن الأشخاص يختلفون في تعبيرهم عن مشاعرهم، وبالتالي تختلف أفعالهم. حاولي أن تضعي طفلك فى مواقف افتراضية مختلفة على أن تسأليه مثلا ماذا سيكون شعوره. ومع مرور الوقت، يمكنك أن تشرحى له كيف يمكن لشخصين يمران بنفس المواقف ولكن رد فعلهما يكون مختلفا.
- يجب أن يكون الأهل أو الآباء قدوة لأطفالهم فيما يتعلق بمبالاتهم بالآخرين. وذلك بدءا من إظهار القدرة على الاستماع للطفل والاهتمام بما يريد وفهم مشاعره التي تدفعه للتصرف بشكل معين.
- كما يجب مراعاة أن الطفل يراقب تصرفاتنا ليتعلم منها دون أن يشعر، فيجب التركيز على المواقف الاجتماعية التي تبلور فكرة المبالاة بالآخر وعمل أي شيء لمساعدته دون مقابل، وذلك من خلال أبسط التصرفات مثل فتح الباب للشخص الأكبر سنا أو مساعدة المعاقين أو المحتاجين.
وفي النهاية إذا قام الطفل بأي تصرف إيجابي، يجب شكره عليه لتشجيعه على المداومة.